أعظمُ موقف في يوم الهجرة يشُــدُّنا للارتباط بالإمام علي
أهمُّ وأعظم موقف يصدره لنا اللهُ في يوم الهجرة النبوية يشدُّنا إلى الارتباط الوثيق والاقتداء الصادق بالإمام علي -عليه السلام- وتضحيته الشجاعة والصادقة، والمليئة بالإيمان والثقة بالله، حين نام على فراش رسول الله -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ الطيبين الطاهرين-، مستعداً لتقديم نفسه الزكية وروحه الطاهرة شهيداً في سبيل حماية دين الله، وذوداً عن رسول الله، بإرادَة كاملة في إخلاصها وبدراية حتمية لنتائجها.
ولذلك أمرنا الله ورسوله بتوليه، وقدّمه لهذه الأُمَّــة من باب حبه لنا ورحمته بنا كنموذج معبّر عن كمال الإيمان المطلوب منا في هذه الحياة الدنيا، المستمرة في أحداثها المتكرّرة عبر الأزمان والعصور التي لا يزال فيها الصراع مستمرًّا بين أهل الحق وأهل الباطل.
وكما قدم الإمام علي نفسه في هذا الموقف وهو في أتم الجهوزية والاستعداد التام للشهادة، نقدم أنفسنا اليوم إلى ذات الموقف المدافع عن دين الله والمستضعفين من عباده شهداء في جبهات الجهاد المقدس لمقارعة أعداء الله وأعداء دينه وأعداء نبيه وأعداء الإمام علي وأعداء آل بيت رسول الله، وأعداء الإنسانية.
وإذا ما جئنا للمقارنة بين يوم الهجرة واليوم، فإن حالَنا أفضلُ بكثير عن الحالة والظروف التي كان يعيشها رسولُ الله من ناحية القوة والقدرة على الحركة ومقدار الخيارات المتاحة للدفاع والمواجهة والتصدي.
وأفضل بكثير عن الحالة التي وضع الإمام علي -عليه السلام- نفسَه فيها وهو لا يملك قذيفة ولا صاروخاً ولا بندقية، بل كان على فراش رسول الله المطلوب الأول للشيطان وأعوانه وجنده من قوى الشر والكفر والطغيان آنذاك، والذين كان لا يعزل سيوفهم ورماحهم عن رأسه سوى باب وجدار لا يتجاوز سمكهما بضعة أمتار.
ففي هذه المواقف تبرز عظمة وروحية الإيمان التي يمثلها المؤمن المخلص، ومقدار الثقة بالله وعظمة حب التضحية في سبيله، فحضر الحق كلُّه في مواجهة الباطل كلِّه.
وهذا الموقف يجسده للأُمَّـة اليوم ولكل من والى الله ورسوله والإمام عليًّا، والذين آمنوا، مجاهدو جيشنا ولجاننا الشعبيّة في مختلف الجبهات حين صمدوا وثبتوا أمام طيران العدوان ومرتزِقته وقدراته العسكرية وتكنولوجيته الحربية، التي لا وجه فيها للمقارنة، كما كان حال الإمام علي -عليه السلام- وهو على الفراش يستمد قوته وثقته من القوي الجبار ملك السموات والأرض، وقوة من يترقبون الساعة التي ينالون فيها من رسول الله، الذي يظنونه في ذلك الفرش المبارك.
وفي هذا الزمان الذي يسارع فيه المنافقون إلى موالاة اليهود الصهاينة، أمريكا وإسرائيل نقول: “اللهم إنَّا نتولاك ونتولى رسولك ونتولى الإمام علياً -عليه السلام- ونتولى من أمرتنا بتوليهم من المؤمنين والأعلام، وعلى رأسهم في هذا الزمان سيدي ومولاي عبدالملك بدرالدين الحوثي”، فاللهم والِ من والاه، وعادَ من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله”.
وكما كان لعلي -عليه السلام- فضلٌ في تصدير المواقف المعبرة والصادقة، يسطر مجاهدونا المخلصون أروعَ المواقف والملاحم الإيمانية هذه اللحظات في جبهات وميادين الشرف والبطولة، للتعبير الصادق عن توليهم لله وللمؤمنين، وقدرتهم على التضحية في سبيل ذلك بنفس الروحية العالية والعزيمة الفولاذية التي كان يمتلكها من أكمل الله بولايته الدين للأُمَّـة.
فمن يمتلك إيمان علي وروحية علي، وتضحية علي وشجاعة علي ومواقف علي -عليه السلام-، كان حقاً على الله أن ينصره ولو تكالب عليه كُـلُّ الأشرار في هذا العالم.
فسلام الله على علي، وسلام الله على من تولاه، وسلام الله على من اقتدى به وسار على شجاعته وامتلك روحيته الإيمانية من ذلك اليوم إلى يوم الدين، وسلام الله على علم الأُمَّــة وقائد المستضعفين، وسلام الله على مجاهدينا في كُـلّ الجبهات المقدسة، وسلام الله على شعبنا اليمني المهاجر إلى الجبهات، بنفسه وماله منذُ أكثرَ من خمسة أعوام.
بقلم: منصور البكالي