ماذا حدث مع الذين كشفوا تورط “إسرائيل” بقضية خاشقجي؟
قالت مؤسسة “سيتيزين لاب” (Citizen Lab) الكندية التي كشفت استخدام أدوات تجسس إسرائيلية في التنصت على مقرب من الصحفي السعودي الراحل جمال خاشقجي، إن موظفيها استُجوبوا من قبل من وُصفوا بـ”وكلاء سريين دوليين”.
وأفادت وكالة “أسوشييتد برس”، يوم السبت، أن “الوكلاء الدوليين السريين” الذين انتحلوا صفة مستثمرين، استدرجوا مرتين خلال الشهرين الماضيين موظفين في المؤسسة البحثية التي تنشط على أساس جامعة تورنتو في كندا، إلى لقاءات في فنادق فاخرة بتورنتو ونيويورك، حيث استجوبوهم لساعات بخصوص اكتشافاتهم المتعلقة بوجود “بصمات إسرائيلية” في قضية خاشقجي، وكذلك حياتهم الشخصية.
وأشارت الوكالة إلى أن الغموض لا يزال يلف الطرف الذي ينتمي إليه هؤلاء “الوكلاء”، لافتة إلى أن تصرفاتهم تشابه ما يستخدمه المحققون الخاصون الذين يتقمصون شخصيات وهمية لجمع معلومات استخباراتية، أو مواد تشهير أو معطيات مشوهة لسمعة شخصيات بارزة داخل الحكومات أو أوساط الأعمال.
وفي بداية الأمر، تسلم اللاجئ السوري العامل في “سيتيزين لاب”، بحر عبد الرزاق، في السادس من ديسمبر، رسالة عبر شبكة “لينكد إن” للتواصل الاجتماعي من رجل قدم نفسه تحت اسم غاري بومان، وقيل إنه مسؤول جنوب أفريقي في شركة مختصة بالتكنولوجيا المالية (تبين لاحقاً أنها وهمية) ويقيم في مدريد، حيث اقترح على عبد الرزاق الانضمام إلى “مبادرة جديدة” لمساعدة اللاجئين.
ووافق عبد الرزاق على اللقاء بهذا الرجل في فندق شنجري لا (Shangri-La) في تورنتو، لكن بدلاً عن مشاكل اللاجئين، سرعان ما تطرق الحديث إلى تحقيق “سيتيزين لاب” في استخدام أجهزة (NSO) في التجسس على خاشقجي والمقربين منه.
وكشف عبد الرزاق أن بومان وجه إليه أسئلة مثيرة للاستغراب، بما في ذلك إن كان اللاجئ السوري يؤدي الصلاة وهل يشعر بكراهية تجاه “إسرائيل”.
وبعد هذا الحادث، تلقى موظف آخر في “سيتيزين لاب”، جون سكوت-رايلتون، رسالة مماثلة من رجل يدعي أن اسمه ميشيل لامبيرت، رئيس شركة باريسية مختصة بالتكنولوجيات الزراعية (وهي وهمية أيضاً).
وأعرب هذا الشخص عن اهتمامه ببرنامج عمل عليه سكوت-رايلتون سابقاً، وهو متعلق بوضع خرائط باستخدام صور تلتقط بواسطة طائرات ورقية.
واقترح لامبيرت على سكوت-رايلتون اللقاء في مطعم بفندق في نيويورك، لكن الموظف كان يشكك منذ البداية في حسن نية “المسؤول الفرنسي”، لا سيما في ظل ما حدث سابقاً لزميله عبد الرزاق.
ولذلك وصل سكوت-رايلتون إلى اللقاء مجهزاً بأدوات تنصت وتسجيل أيضاً، وجلس على طاولة مجاورة صحفيون من “أسوشييتد برس”.
ولاحظ سكوت-رايلتون داخل المطعم أشخاصاً تابعوا حواره مع لامبيرت والتقط أحدهم صوراً، كما وضع “المسؤول الفرنسي” على الطاولة قلماً لاحظ فيه موظف “سيتيزين لاب” عدسة كاميرا.
وتكرر خلال هذا اللقاء السيناريو السابق، إذ بدأ لامبيرت يوجه أسئلة بخصوص “العنصرية ومعاداة السامية” داخل “سيتيزين لاب” ودراساتها المتعلقة بـ(NSO).
وفي نهاية اللقاء، دعا سكوت-رايلتون إلى الطاولة صحفيي “أسوشييتد برس”، ما حيّر لامبيرت، الذي رفض الإجابة عن أسئلتهم واكتفى بالقول: “أعرف ما أفعله، ولا يجب علي تقديم أي توضيحات”.
ودان رئيس “سيتيزين لاب” للبرمجيات الأمنية، رون ديبيرت، بأشد العبارات هذه التصرفات، واصفاً إياها بـ”تحركات شريرة وراء الكواليس”، وشدد على أن أي اعتداء ماكر على منظمته هو اعتداء على الحرية الأكاديمية عموماً.
من جانبها، أصدرت (NSO) بياناً نفت فيه أي صلة مباشرة أو غير مباشرة لها بعمليات سرية موجهة ضد هذه المؤسسة البحثية، مشددة على أنها لم تستأجر أي وكلاء لإجراء تحقيق خاص مع الموظفين.
وفي أكتوبر الماضي، أعلنت “سيتيزين لاب” أن أجهزة تجسس منتجة من قبل شركة إن إس أو (NSO) الإسرائيلية، استخدمت في تعقب الصحفي جمال خاشقجي الذي قتل داخل قنصلية بلاده في إسطنبول بالثاني من الشهر نفسه.
وسبق أن نفت الشركة الإسرائيلية استخدام الأدوات المصنوعة من قبلها في التجسس على خاشقجي، لكنها رفضت الإجابة عن سؤال إن كانت تبيع منتجاتها للحكومة السعودية.
الخليج أونلاين