المقالات

اكراد سوريا والمعارضة، والقدر المشترك

يمكن وصف اكراد سوريا بانهم اكثر الجماعات المتضررة من حيث انهم وانطلاقا من بساطتهم عقدوا الامل على الوعود الامريكية ليواجهوا مصيرا مماثلا لمصير الجماعات الارهابية .

دراسة سلوكيات ترامب خلال العامين الماضيين تكشف بوضوح ان التجارة والاقتصاد يتسمان باهمية بالغة لديه، وعلى هذا الاساس فانه مستعد لالغاء كل ما يشكل عبئا على بلاده وحكومته او معالجته باموال الاخرين. وخير دليل على ذلك انسحاب امريكا من المعاهدات والمنظمات الدولية مثل معاهدة باريس للمناخ ومنظمة اليونسكو والخ .. من جهة، والاشتراك في الصراعات الاقليمية بعد الحصول على ضمانات مالية ومادية من جهة اخرى. وبناء على ما سبق يمكن الاستنتاج بان ترامب لا يهتم باي شيء سوى الدولار وضمان مصالحه وليس له اي صداقة او عداوة استراتيجية .

نظرة اجمالية على تطورات المنطقة خلال العام الماضي تكشف صحة هذه الرؤية، حيث نرى انه ورغم مناشدات المعارضة السورية بشقيها الداخلي والخارجي للادارة الامريكية بغية دعمها وتجهيزها ، الا ان الاخيرة تخلت عن مرتزقتها الاليفين واخطرتهم بانه يجب الا يعفدوا الامل على دعمها في المستقبل. ولهذا السبب نرى ان احتمال مقاومة الارهابيين امام الجيش السوري في الجنوب تكاد تكون شبه معدومة، وان هذه الجماعات الارهابية التي لا ترى امامها سوى خياري الاستسلام او الاستماتة، فضلت الخيار الاول وبناء عليه بدات مفاوضات مع الجانب الروسي بوساطة اردنية للحصول على الضمانات اللازمة للعيش تحت سيادة الحكومة السورية وتسليم السلاح بلا شروط. والطريف انه وفي ضوء الظروف الجديدة وخلافا للماضي لا يتم التطرق ابدا الى مسالة نقل هؤلاء المسلحين الى مناطق اخرى في سوريا .

بناء على ما سبق يبدو ان اكراد شمال سوريا وفي ضوء دراسة سلوكيات ترامب من جهة، ومراجعة مسالة استفتاء كردستان العراق من جهة اخرى، وبالتالي الخطر المحدق بهم من قبل الارهابيين من جهة ثالثة، استنتجوا بان المصير الذي ينتظرهم هو ذات المصير الاسود الذي واجهه الارهابيون في سوريا وان امريكا ستتساوم عليهم عاجلا ام آجلا. في مثل هذه الظروف وفي ضوء التجارب السابقة نرى ان قوات سوريا الديمقراطية المعروفة اعلاميا بـ “قسد” ليس فقط لا تتطرق ابدا الى مسالة الكنفدرالية ابدا خلال الايام الاخيرة بل انها ومن اجل ضمان ديموميتها وحياتها تصر على العيش تحت سيادة الحكومة السورية وعلمها ، في مقابل الحصول على امتيازات جزئية مثل تدريس اللغة الكردية في مدارسها و…

تجدر الاشارة الى ان ادارة اوباما كانت قد وعدت بانها ستعترف بكيان كردي مستقبل اذا ساهم الاكراد في الحرب ضد النظام السوري برئاسة الاسد وتحقيق الانتصار والوصول الى البحر الابيض المتوسط ، الوعد الذي لم يصدر عن ادارة ترامب ما ينقضه ، رغم انه كان واضحا منذ البداية بان هذا الوعد هو مجرد حلم لا يمكن تحقيقه نظرا لوجود عقبتين اساسيتين في طريقه هما الجيشين السوري والتركي.

طبعا ان المواجهات التي دارت بين الاكراد وجماعة “داعش” الارهابية فضلا عن انها ادت الى استنزاف قوى الاكراد، لم تحصل منها سوى على ارض محروقة كانت تعرف فيما سبق بمدينة “الرقة” من جهة ، واناس يائسين ومرهقين بسبب سوء التخطيط ولهاثهم في الظلام خلف حكومة وهمية .

في مثل هذه الظروف وفي حين تشير التوقعات الى تحقيق الجيش السوري لنصر قريب في الجبهات الجنوبية يبدو ان جماعة “قسد” ستكون المجموعة الثانية التي ستفقد الدعم الامريكي . وبما ان الاكراد صدموا بتجربة كونهم بضاعة على طاولة المساومات بين الاتراك وترامب، فانهم لن يسمحوا بتكرار هذه التجربة ثانية خاصة وانه لم تمض سوى عدة اشهر على مسالة استفتاء كردستان العراق والمساومة على مصير الجماعات الارهابية السورية في الجنوب السوري .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى