ملف لبنان على طاولة ابن سلمان شخصياً
المشهد يوحي بأن ملف “مكافحة الفساد في المستقبل” فی لبنان تحرّك جدياً، لكن فعلياً السعودي هو الذي استنفر، بل تسلّم ولي العهد محمد بن سلمان الملف بنفسه شخصياً.
من ينظر إلى المشهد اللبناني “المستقبلي”، أي من زاوية “تيار المستقبل”، يجد أنه ما هدأ منذ اعتقال رئيس التيار، سعد الحريري، في المملكة السعودية. الاعتقال الذي صار حقيقة دامغة بعد التصريح الأخير للرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، قبل أيام، أثّر في لبنان بكامله وليس في فضاء التيار، لكن الأخير مُني بعدة تعرّجات، من فشلٍ في الانتخابات النيابية وذهول تام بالنتائج التي جلبتها، إلى التصفيات في صفوف مسؤولين كبار فيه، ثم استبعاد أسماء مقربة من “التوزير” في الحكومة المقبلة.
المشهد يوحي بأن ملف “مكافحة الفساد في المستقبل” تحرّك جدياً، لكن فعلياً السعودي هو الذي استنفر. فبعد فشل الوزير ثامر السبهان في لبنان، تسلّم ولي العهد محمد بن سلمان الملف بنفسه شخصياً، كما تفيد بذلك مصادر سعودية سياسية لـ”العرب بوست”.
هكذا، قرر ابن سلمان أن يتصدى بنفسه للموضوع، لكن على قاعدة أن “المملكة لن تنحاز إلى فريق سني دون آخر في ملف تشكيل الحكومة اللبنانية، ما سيخفف وطأة التأثير القطري في المرحلة المقبلة”. ورغم فتح ولي العهد السعودي صفحة جديدة مع الحريري، فإن أوساطاً صحافية أكدت أن ما حصل من “شطب” بالجملة في صفوف “التيار الأزرق” إنما كان “إرضاء لسمو الأمير”، وقد تُرك تنفيذ ذلك إلى ما بعد الانتخابات خوفاً من البلبلة التي قد تطيح بحصة الحريري النيابية، وهنا الحديث يدور عن نادر الحريري أولاً، ونهاد المشنوق ثانياً، وآخرين.
مع ذلك، يصرّ المتصلون بالجانب السعودي على أن الحريري رفض أي مساعدة مالية عاجلة من الرياض خلال الانتخابات، وأنه فضّل الاقتراض من أحد المصارف لتغطية تكاليف حملته لأنه كان يريد حفظ هوامشه. لكنه كان يوقن أنه في النهاية لا مجال لإصلاح أموره المالية إلا بالدعم الخارجي، السعودي حصراً بعد تعقد الحصول على أموال من الإمارات.
وفق المصادر نفسها، سيعمل الحريري على تحقيق المطالب السعودية بحذافيرها، إذ كان إبعاد مستشاره ومدير مكتبه، نادر، أحد تجليات قراره. إذن، وفجأة، تحوّل الحريري إلى “سعد بن سلمان” للفترة التي تلت الانتخابات، وانقلب على كلّ مرفوضٍ سعودياً لتطاول عبارة “أعفي من مهامه” بعض الشخصيات الكبيرة في التيار بعد نادر، مثل مدير دائرة المتابعة في مكتب رئيس التيار، ماهر أبو الخدود، والمنسق العام للانتخابات، وسام الحريري، وامتد ليصل تشكيلات الحكومة الجديدة.
هذه التغييرات كان الوسيط الإماراتي (بين السعودية والحريري) على دراية بها، ويعلم أن نهاد المشنوق وغطاس خوري يتحملان مسؤولية المرحلة السابقة، وسيتحملان تبعات نتائج الانتخابات أيضاً. لكن، في إطار السباق إلى السيطرة على الشارع، تزايد التدخل الأميركي المباشر لينافس التدخل السعودي، وذلك بعد سيطرة إدراة دونالد ترامب على المراكز المهمة والحساسة في الولايات المتحدة، وهي فعلياً متخوفة من القوى اللبنانية كافة، الأمر الذي دفعها، وفق مصادر خاصة، إلى محاولة كسب ثقة التيار العوني و”القوات” في الوقت نفسه، وذلك بشخصية لبنانية – أميركية موالية للمحافظين تكون حصة وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو في الحكومة المقبلة.
هذه المنافسة بين السعوديين والأميركيين على الأراضي اللبنانية ترجمتها في العلاقة مع حزب الله، إذ تسعى السعودية واببن سلمان تحديداً إلى دعم سعد والسيطرة على قرارته ليكون نداً لها في وجه الحزب، فيما تحاول الإدارة الأميركية كسب مكانة وثقة لدى شخصية موثوقة و”لا تُباع” من أجل تأمين مفاوضات “نظيفة” مع الحزب مستقبلاً.
المصدر : العرب بوست