السعودية تتكبد 9 مليارات دولار عن إغلاق موسم الحج، وتستبدل أيراداته “بالدعارة الحلال” في بلاد الحرمين
أياً كان نوع القرار المتوقع أن تعلن عنه السعودية، حول إمكانية أداء فريضة الحج من عدمها لهذا العام، بسبب تفشي فيروس كورونا المستجد، فإنها في محصلة الحالتين، واقعة في مواجهة خسائر اقتصادية باهضة، تقدر بمليارات الدولارات، اعتادت على تحصيلها بشكل سنوي من الفريضة التي صارت تتعامل معها كمورد اقتصادي، وتصفها ب”السياحة”!
في مؤشر لما سيكون عليه نوع القرار السعودي، بشأن موسم الحج في ظروف كورونا، قالت اندونيسيا في شهر يونيو من العام الحالي، إنها ألغت الذهاب إلى أداء فريضة الحج لهذا العام. وكشفت الهند، الجمعة، أنها قررت إلغاء رحلات للغرض ذاته، وذلك “لأسباب” من بينها تفشي وباء كورونا.
وكانت السعودية قد دعت أواخر مارس الماضي، دول العالم إلى التريث قبل وضع خطط أداء فريضة الحج هذا العام، إلى أن تتضح الرؤية أكثر بخصوص كورونا، الأمر الذي اعتبرته دول إسلامية تمهيدا سعوديا لإلغاء الموسم، أمام ملايين المسلمين من مختلف أرجاء المعمورة، فيما رجحت أخرى أن تلجأ السعودية إلى إجراءات من بينها تخفيف أعداد التفويج، لكي لا يتوقف هذا النشاط السنوي الذي دأبت على تسميته ب “السياحة الدينية” وتعده من أبرز مواردها الاقتصادية غير المتغيرة، ويدر عليها مليارات الدولارات.
و تمثل الشعيرتان الإسلاميتان عاملا حيوياً لتدفُّق النقد الأجنبي وخلق فرص العمل وتحسين ميزان المدفوعات في المملكة، كما “تمكِّن الشعيرتان السعودية من تحقيق إيرادات تصل إلى 12 مليار دولار سنوياً، منها ما يصل إلى 9 مليارات دولار في موسم الحج فقط، ويمثِّل كل من الحج والعمرة معاً 20 بالمائة من الإيرادات غير النفطية في البلاد”.
ومؤخرا، أفصحت توجهات وخطط رسمية، عن أبعاد اقتصادية لأشكال الانفتاح الذي بدأت اعتمادها السعودية( بلاد الحرمين) بإنشاء المراقص والملاهي والمسارح الليلية، و “الدعارة الحلال”، في العديد من مدن المملكة، لتشمل الأماكن المقدسة مكة المكرمة والمدينة المنورة.
وتروج هيئة الترفيه الثقافي والسياحي، بالمملكة لهذه النشاطات، بوصفها تحولات مهمة على طريق استحقاقات متوقعة من رؤية 2030، كما تضفي عليها تبريرات اقتصادية؛ فالبلد الذي ينفق مواطنوه المليارات من العملة الصعبة على الدعارة في الخارج، هو أولى اقتصاديا بهذه المليارات، وفقا لمسؤولين في الهيئة التي يقولون إن ولي العهد محمد بن سلمان، يشرف بنفسه على خطواتها وإجراءاتها أولا بأول.
وأثارت ما تعتبره السعودية تحولات في الانفتاح على العصر، بترويجها لأشكال المجون والدعارة في قلب أقدس أمكنة المسلمين، انزعاج العديد من الدول الاسلامية، إلى الحد الذي أمكن لمراقبين القول بأن لقاء أو قمة مجموعة الخمس الإسلامية: (اندونيسيا، ماليزيا، قطر، تركيا، إيران) في ال18ديسمبر 2019، في ماليزيا، وسط مقاطعة سعودية، وحضور ممثلين عن أكثر من 20 دولة إسلامية، يأتي تعبيرا عن جانب من انزعاج المجموعة من إجراءات سعودية من شأنها أن تمس بقداسة الحرمين الشريفين، ومكانتهما في نفوس الشعوب المسلمة.
واعتمد المراقبون في تفسيراتهم، على أن قمة الخمس الإسلامية، تمت الدعوة لإقامتها عقب شروع السعودية في إنشاء المراقص والمسارح الليلية، والترويج لما وصفته بالدعارة الحلال، في بلاد الحرمين.
ويمكن القول بتناغم القرارات الأخيرة للسلطات الاندونيسية وكذلك الهندية، والتي تضمنت إلغاء رحلات الحج لهذا العام، مع تسريبات عن وقائع قمة الخمس الإسلامية، تحدثت يومها عن أن المجتمعين تدارسوا أشكال مقاطعة مع النظام السعودي، وأن من بين ما تم مناقشته هو مقاطعة موسم الحج، بمبرر معلن هو تفشي كورونا، وبهذا توصل الدول الإسلامية رسائلها إلى السعودية، لمراجعات في طبيعة إجراءاتها المسيئة للمقدسات، ولعودة الأمور إلى نصابها الصحيح.
ويؤدي 2.5 مليون مسلم فريضة الحج سنوياً، يشكل إنفاقهم خلال الموسم مورداً مالياً ضخماً لاقتصاد المملكة، يناهز 9 مليارات دولار.
وذكرت تقارير، أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان كان قد قدّم مقاربة اقتصادية، العام الماضي، من خلال رؤية المملكة 2030، تطمح إلى استضافة 30 مليون حاج ومعتمر، بإجمالي إيرادات يصل لـ50 مليار دولار سنوياً حال تحقيق الرؤية.
وتفصيلا، تحقق المملكة “أرباحاً طائلة من استصدار الحجاج تأشيرات الحج، التي تبلغ قيمتها ألفي ريال سعودي -ما يعادل 533 دولاراً- على أن تتحمل الدولة هذا الرسم عن القادم لأداء الحج والعمرة لأول مرة، بعد أن كانت سابقاً لا تتجاوز 350 ريالاً بنسبة تضخم تصل لـ500%”.
وبحسب مديرية الجوازات السعودية، فإن “عدد حجاج بيت الله الحرام من الخارج لعام 2019 بلغ مليوناً و838 حاجاً، منهم 969 ألف حاج ذكر، أما الإناث فبلغن 868 ألف حاجة. في حين يتجاوز المتوسط العام لأسعار الحج في برنامج “الحج العام” 7 آلاف ريال سعودي، ما يعادل 1866 دولاراً. ويبلغ إجمالي تكلفة الحج بالنسبة للشخص الواحد من حجاج الخارج بين 4 و5 آلاف دولار في المتوسط”.
ويأسف اقتصاديون وسياسيون، لعدم ذهاب كل هذه الإيرادات لمصلحة الشعب السعودي، مؤكدين: “المواطنون السعوديون، لا يتمتعون بهذه العائدات، نظراً لقيام النظام في الآونة الأخيرة بدفع ما يشبه الجزية للرئيس الأميركي دونالد ترامب مقابل الحماية الأميركية المزعومة والوهمية، والتي من المفروض أن يتمّ تسميتها بعدم التعرُّض الأميركي للمملكة”.
وتابعوا: ” بدلاً من أن يتم تسخير تلك الأموال لتعزيز رفاهية المواطنين السعوديين البسطاء يتمّ ضخّها لدفع عجلة الاقتصاد الأميركي من خلال الاستثمار في البنية التحتية، وشراء سندات الخزينة والأسلحة، وكذا توفير فرص الشغل للأميركيين، هذا ما عدا المبالغ الخيالية المهدورة في الحروب بالوكالة التي تقودها المملكة في المنطقة العربية كالحرب في اليمن مثلا”ً.