قراءةٌ تحليلية لأسباب استمرار بن سلمان في الحرب!
ينظُرُ المحللون والخبراء العسكريون إلى مآلات الحربِ في اليمن وردود الفعل عن العمليات العسكرية المتقدمة للجيش اليمني واللجان الشعبيّة من منظور عسكري واقتصادي مترابط باستمرار المصالح والمخطّطات التابعة للقوى المهيمنة في المنطقة، وإغفال جانب العوامل النفسية التي تدفع بن سلمان للاستمرار في هذه الحرب.
ومن هذا المنطلق نحتاجُ إلى تقريب الصورة لطبيعة التضامن العاطفي من قبل حلفاء وشركاء النظام السعودي بعد ضربة المنشآت النفطية في مصفاة بقيق وخريص، وعملية “نصر من الله ” في محور نجران، ومراقبة التطورات والتغيرات التي تطرأ عليها وتؤثر بشكل كبير في توليد الأفكار والقناعات والرؤى لدى الجهات المتحكمة بإخراجها في خطط واستراتيجيات تمثّلُ القواعد الأَسَاسية في المشهد السياسي والعسكري.
ونحتاج في هذا التحليل إلى الاطلاع على مضامين الخطاب التضامُني عبر وسائل الإعلام والسياسات الخارجية للدول المشاركة في العدوان، والأدوات اليمنية المراهنة على الدور السعودي لإعادتها إلى ما كانت عليه من الوصاية والعمالة والخيانة لهذا الشعب العزيز المقاوم.
فابن سلمان كُلِّفَ بقيادة هذه الحرب من قبل الإدارة الأمريكية وبتشجيع وتعاوُنٍ صهيوني، فهو لا يريدُ حالياً فَقْدَ ثقتهم فيه والظهور أمامهم بمظهر العاجز أَو الفاشل في تنفيذ هذه المهمة التي ثمنُها الوصولُ إلى سدة الحكم، وهؤلاء مصرون على استمرار الحرب والحصار لتحقيق مصالحهم التي فشل في تحقيق أهمها إلى الآن، مَا جعل التصريحاتِ والمشوراتِ من هذه الجهات تحُثُّ على الاستمرار والمكابرة؛ لأَنَّ تلك الأطراف تعتبر أن هناك وقتاً لتعويض خسارتها على المستوى العسكري والسياسي في المنطقة، فيما القيادةُ السعودية تدرك أنها فاشلةٌ وخاسرةٌ ومهزومةٌ وهي في أَمَسِّ الحاجة لوقف الحرب والخروج من اليمن، ولكنها تعاني بكيفية رفع الحرج وهنا مربطُ الفرس!
أما تعاطي الإمارات فينظر إليه بن سلمان بنظرة الحاسِد لسلامة منشآتها الحيوية ومطاراتها وسُمعتها العسكرية من الاستهداف إلى حدِّ الآن، وهو يتمنى لهم ضربةً ساحقةً ترفعُ عنه الحرجَ كذلك، مما يشعره بالتساوي في الهزيمة أمام بقية الدويلات الخليجية، وتحفظ للسعودية مكانتها التي تحاول الإمارات التسلقَ لنزعها عبر المشاركة في العدوان على شعبنا اليمني وتمزيقه مع العودة “بخفي حنين” كما يبدو لها حالياً.
وَإذَا جئنا إلى ما يوصف بـ”الشرعية” في فنادق الرياض وعلى رأسهم حزب الإصلاح وبقية الخونة والمخدوعين فنظرتهم إلى أنفسهم وقدراتهم تعكسُه مشاهدُ جموع الأسرى الذين وقعوا في عملية “نصر من الله”، وهذا ما يؤمنُ به اليوم كُـلُّ الخونة والمخدوعين منذ خمسة أعوام.
فيما النظامُ السعودي ينظُرُ إليهم كأقزام، يستخدمُهم في حماية المحافظات الحدودية ومرتزِقة يُشرون بالمال ويساعدونه في تنفيذ مخطّطاته، فيما نظرتهم إليه بعد تلك العمليات الرادعة تقلّل من مستواه وقدراته وتفقده أقلَّ مستوى من الاحترام، وهذا ما يجعله مستمراً في المكابرة والمراوغة والهروب من الوقف أمام المرآة التي عكست صورةً في شكل “قِطٍّ ” أعرجَ لا يطيق حملَ نفسه، في غابة ظهر “أسدُها” وأشبالُه من كهوف “مران”.
وفي الأخير نستخلص من قراءة هذا المشهد عدداً من النتائج التي تشكّلُ النواةَ الأَسَاسيةَ لاستمرار الحرب والحصار والمراوَغة أمام مبادرة السلام التي قدمتها القيادةُ السياسيةُ في صنعاء، وعلى رأسها أولاً: لن توقف الحرب ما لم تُقصف القواعد الأمريكية والإسرائيلية في الخليج، وتُستهدف المنشآت الحيوية للإمارات؛ لتجعل بن سلمان غيرَ مضحوك عليه بين فريقه الذي يعتبر نفسَه القائد.
ثانياً: ضربُ الإمارات والقواعد الأمريكية سيرفع عنه الحرجَ من الخيبة والخُسران ويجعلهم متساوين جميعاً في الهزيمة، ويدفعهم فعلاً للبحث عن مخرج حقيقي وفوري من الحرب في اليمن التي باتت مكلفةً على الجميع.
فلست محرضاً لضرب الإمارات ولا غيرها بل قارئٌ لأفكار ونفسيات مهزوم تظاهر بالنصر أمام أقرانه ومساعديه فلم يحقّق له ذلك، مما جعله يبحث عن مبرّر ومخرَجٍ يدفع الشركاء في غمضة عين لمساعدته حالياً على الخروج بنتيجة تحفظ له ماءَ وجهه المتعطِّش للتربع على عرش المملكة منذ خمسة أعوام.
بقلم منصور البكالي