اتهامات سعودية خجولة.. لماذا لم تكن اتهامات السعودية لإيران شديدة اللهجة كمثيلتها الأميركية ؟
.
بعد أن نفّذت الطائرات من دون طيار التابعة لقوات الجيش واللجان الشعبية اليمنية “أنصار الله” هجمات مفاجئة على منشآت النفط السعودية ردّاً على الهجمات الوحشية التي تقوم بها طائرات الجو التابعة لتحالف العدوان السعودي الإماراتي على العديد من المناطق والأحياء السكنية في اليمن، حاول المسؤولون الأمريكيون توجيه أصابع الاتهام نحو إيران، وقالوا بأن القوات اليمنية لا يمكنها القيام بذلك الأمر وفي هذا الصدد، سارع وزير الخارجية الأمريكي “مايك بومبيو”، بتوجيه أصابع الاتهام نحو إيران واتهامها بتنفيذ تلك الهجمات دون أن يقدّم أي دليل على كلامه، لكن السعودية كانت أكثر حذراً من واشنطن في اتهامها للجانب الإيراني، حيث قال المتحدث باسم تحالف العدوان الذي تقوده السعودية ضد اليمن، العميد “تركي المالكي”، يوم الاثنين الماضي: “إن الطائرات المسيّرة التي نفّذت الهجمات على المنشآت النفطية السعودية لم تأتِ من الأراضي اليمنية، مدّعياً أن الطائرات المسيّرة التي تم استخدامها في هذه العملية كانت إيرانية الصنع”.
عدم قدرة الجانب السعودي على التحكّم في عواقب التوترات
إن عجز السعودية عن الدخول في صراع جديد في المنطقة، هو أحد الأسباب الرئيسة التي دفعت الرياض إلى اتهام طهران بشكل غير مباشر وخجول.
وفقاً لعدد من المحللين السياسيين، فإنه إذا أكدت السعودية على مثل هذا الادعاء الأمريكي، فسيكون هذا بمثابة إعلان حرب على طهران وسوف يصبح من الضروري على الرياض الرد على هذا الهجوم، لكن التطورات في المنطقة ليست في مصلحة السعودية ولا يمكن للسعوديين الدخول في صراع آخر في المنطقة.
لقد أثبتت القدرة العسكرية السعودية في اليمن أنها ضعيفة، وأثبتت بأن الرياض وحلفاءها فشلوا في حربهم العبثية التي شنّوها قبل خمس سنوات على أبناء الشعب اليمني المظلوم على الرغم من امتلاكهم أسلحة متطوّرة، وفشلوا أيضاً في تحقيق انتصارات على أرض الواقع ولهذا فإنهم اليوم لا يريدون الدخول في مواجهة مباشرة مع طهران.
لقد أقرّ المسؤولون السعوديون أيضاً خلال الفترة الماضية بعدم قدرتهم على الرد عسكرياً على إيران، وكما قال المجلس الاستشاري السعودي في بيان أصدره يوم الاثنين الماضي، بأن الهجوم على منشآت النفط السعودية يعتبر هجوماً على موارد الطاقة العالمية ودعا الدول الصديقة إلى الرد على هذه الهجمات التي تسبّبت بأضرار جسيمة على شركة “أرامكو” السعودية.
كما أن مركز أبحاث صهيوني كتب في تقرير نشره يوم السبت الماضي، أن الهجمات اليمنية واسعة النطاق على السعودية أثبتت بأن السعودية كانت “نمراً ورقياً”.
الجانب السعودي يفقد الأمل من أمريكا ودعمها
إن الشيء المهم الذي دفع الرياض إلى توخي الحذر أثناء اتهامها لطهران، هو أنها لا تستطيع الاعتماد على الدعم الأمريكي كما كان من قبل.
ونظراً لأن سياسات الرئيس “دونالد ترامب” لا يمكن التنبؤ بها، فهذا الأمر قد أظهر أنه غير مستعدٍّ للمساومة مع الآخرين لمصلحة حلفائه. وهنا تؤكد تصريحات “ترامب” التي أطلقها يوم الاثنين الماضي والتي عبّر فيها إن واشنطن لا تحتاج إلى النفط والغاز من الشرق الأوسط، بأنه لا يرغب في القتال مع الآخرين.
وعلى الرغم من أن “ترامب” اتهم إيران بالتورط في الهجوم الأخير على المنشآت النفطية السعودية، إلا أنه قال: “لا، لم أقدّم هذا الوعد للسعوديين، علينا أن نجلس مع السعوديين ونتوصل إلى حل “.
لقد كشفت العديد من المصادر الإخبارية، بأن الرئيس “ترامب” فشل في اتخاذ أي إجراء ضد إيران في أعقاب إسقاط هذه الأخيرة للطائرة الأمريكية من دون طيار التي اخترقت المجال الجوي الإيراني قبل عدة أسابيع.
ولهذا فقلد خلص السعوديون والأنظمة العربية الأخرى إلى أن “ترامب” لن يدخل في مواجهة مباشرة مع طهران لحماية مصالحهم ومن هذا المنطلق قاموا بإعادة النظر في سياساتهم المناهضة لإيران.
وفي ظل الظروف الحالية، يتوق “ترامب” للتفاوض على صفقة جديدة مع إيران ولقد أصرّ في تصريحاته التي أطلقها يوم الاثنين الماضي على أن “الخيار الدبلوماسي مع إيران لا يزال قائماً”، لقد أدرك مسؤولو الرياض أن أي عمل من جانب واحد ضد إيران لن يصبّ في مصلحتهم.
تأثير “أنصار الله” على المعادلات السياسية السعودية
دفعت تحذيرات قوات الجيش واللجان الشعبية اليمنية “أنصار الله” بشن مزيد من الهجمات على السعودية، سلطات الرياض إلى توخي الحذر في اتهامها لطهران.
وفي حديثه إلى المسؤولين السعوديين، حذّر العميد “يحيى سريع” المتحدث باسم الجيش اليمني من أن أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية سيواصلون هجماتهم على جميع الأراضي السعودية.
ويعتقد المحللون السياسيون أن السعوديين لن يكون لديهم أدلة تثبت تورّط طهران بشكل مباشر في الهجمات الجديدة التي سوف تشنّها القوات اليمنية داخل العمق السعودي.
في الأسابيع الأخيرة، كانت هناك أخبار تفيد بأن السعوديين لجؤوا إلى بريطانيا للخروج من مستنقع اليمن بماء الوجه وبشكل مشرّف.
وبالنظر إلى حجم الأضرار التي خلّفها ذلك الهجوم على منشآت النفط السعودية، والذي أدّى إلى توقف نصف صادراتها من النفط، قد تكون الرياض عقلت واقتنعت بأنه يجب عليها الجلوس على طاولة المفاوضات مع “أنصار الله”.
إن ما قاله ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في اليمن “مارتن غريفيث” يوم الاثنين الماضي بعد الهجمات على المنشآت النفطية السعودية، يؤكد بأنه أصبح من الضروري إنهاء الحرب في اليمن.
إن الحرب التي أشعلتها السعودية قبل خمس سنوات لمواجهة النفوذ الإيراني في اليمن، أصبحت في وقتنا الحالي تجلب الويلات للعديد من المناطق السعودية ولذا فإنه يمكن القول بأن السعوديين أصبحوا عالقين في طريق مسدود في اليمن وليس لديها خيار سوى الامتثال لمطالب المقاومة اليمنية وإنهاء الحرب وحصارها الجائر على هذا البلد الفقير.
المصدر: الوقت