المقالات

أهمية مبدأ الولاية في تغيير واقع الأمة

يعتبر هذا مبدأ العظيم منهج وفكر وثقافة ومشروع سياسي وديني، أمر الله به رسوله ليبلغ المسلمين به وبأهميته ، بعد حجة الوداع ، فكان مكمل او متم لدين الله ونعمه علينا، وبمثابة حصن منيع، ودرع فولاذي يضمن للرسالة جوهرها وأهدافها من الأنحراف والتزييف ، ويضمن لهذه الرسالة ولهذا الدين الاستمرارية والصلاح الذي شدد عليه الله في قوله التحذيري لرسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم في كتابه الكريم  ((  يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ۖ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ ۚ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ))

 

وبالعودة الى بداية المرحلة الأولى لخروج هذه الأمة عن هذا المبدأ ستطول كتابتنا في ذكر الأحداث والشواهد،  ولكنا سنتحدث اليوم بشكل مقتضب عن أهمية العودة والاستجابة لهذا المبدأ الديني العظيم، وحاجتنا كأمة مسلمة اليه ، ومن منطلق المعرفة الصحيحة والأدراك السليم بأن هذا المبدأ هو الحلقة المفقودة من نهجنا وسلوكنا ، والمحرك الوحيد القادر على ان يستعيد لهذه الأمة عزتها ومجدها، وقوتها ، ويوحد شعوبها ويزيل منها كل أسباب الخلاف والتفرقة على كل الأسس المذهبية او المناطقية والعرقية، التي عملت قوى الاستعمار واعداء رسالة الله ورسوله وأمته الاسلامية  على زرع بذورها منذ ذلك الحين.

 

فمن خلال نهج الولاية لله ولرسوله وللأمام علي (ع) ولأعلام الهدى في هذا العصر  نستطيع أن نذيب به كافة الحدود والحواجز الجغرافية والاقتصادية والسياسية المفتعلة والمصتنعة.

 

كما أن هذا المبدأ الديني الأكثر أهمية في مضمون الرسالة الاسلامية التي كلف رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، بتبليغها،  يمثل حامل وحيد يمكن للأمة العربية والأسلامية من خلاله اليوم تحقيق وحدتها ووحدة شعوبها تحت رأية واحدة قادرة على تغيير الكثير من المفاهيم والقناعات الخاطئة التي ترسخت في فكر وبنيوية شعوبها الممزقة، وجمعها حول منهج يجمع ولا يفرق ويصلح ويبني وينمي ولا يهدم او يخرب ، فتحل محلها قناعات ومفاهيم قادرة على دفع وتحريك الشعوب نحو مقاومة وطرد كل أشكال الوصاية الخارجية المتحكمة بأرادتها وقرارت حكوماتها المرتهنة.

 

وبفكر الولاية يمكن لهذه الأمة القدرة على حماية سيادتها وثرواتها، وحفظ قيمها ومبادئها السامية ، وصون كرامتها وحريتها المصادرة وتحرير كل أراضيها ومقدساتها ، وصون دماء شعوبها المسفوكة في أكثر من قطر عربي.

 

وبهذا المشروع العظيم يمكن للأمة الاسلامية إعادة التموضع ورسم تحالفاتها وعلاقاتها الداخلية والخارجية  على هذا الأساس، فتضمن به حماية شعوبها ومستقبل أجيالها من أي أختراق يمس فكرها وهويتها وثقافاتها ومعتقداتها وقيمها وثوابتها ومبادئها ، ورموزها  الدينية، او السياسية والعسكرية.

 

كما يمكن لهذا المشروع إعادة ضبط وتوجيه بوصلة الصراع بين هذه الأمة وأعدائها الحقيقيين، إضافة الى توجيه الجهود وتوحيدها نحو الأهداف والغايات السامية والمتسعة بحجم التكليف والتشريف الألاهي لهذه الأمة التي خولها الله بحمل وتبليغ رسالته بعد خاتم رسله ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فوق هذه المعمورة.

 

ومن هذه المنطلقات تكمن أهمية مبدأ الولاية في تغيير وأقع الأمة التي ظلت الطريق فصارت أضحوكة الأمم ومسخرة الشعوب وتحولت الى ساحات وميادين لتنفيذ المشاريع والمخططات وللأطماع الخارجية، والصراعات والحروب الداخلية، دون أدراك لمكمن الخلل ومنطلق الأنحراف عن هدي الله ورسالته وصراطه المستقيم.

 

ولكن كيف نستطيع إعادة العقل والفكر العربي والأسلامي  الى هذا المبدأ؟ وكيف نقنعه بأهمية حاجة شعوبنا اليوم له ؟ وما هي القنوات والوسائل الممكنة والمساعدة على تعميمه وتصديره وتبليغه للشعوب؟.

 

ولن يكون لنا ذلك مالم نعرف أعداء هذا الدين ومبدأ الولاية ومحاربوه ؟ ووسائل حربهم ومواجهتهم له؟ وكيفية مواجهتهم والانتصار عليهم في هذه المعركة الفكرية والثقافية والاعلامية والنفسية ؟ وكيف يمكن لنا الاستفادة من الوسائل المتاحة ، وتوسيع نشاطاتنا التثقيفية بين  أوساط أجيال النشأ والشباب ، وتخصيص مساحة في المناهج الدراسية والجامعية ، لترسيخ هذا المبدأ ، ونشره عبر الفعاليات والوقفات والمجالس والتجمعات الجماهيرية، والندوات الثقافية والفكرية ، ومختلف الوسائل والوسائط الاعلامية، والحاجة الى الكثير من الأبحاث والدراسات حول هذا المبدأ وأهميته في تغيير حال الأمة والرتقاء والنهوض بها ، عبر الكثير من الوسائل والطاقات المحتاجة لدماء جديدة تهتم بنشر وتوسيع معارف المواطنبن حول هذا المبدأ الحامل للواء الأمة ومصير شعوبها ، والكفيل  برسم مستقبل أجيالنا.

 

بقلم منصور البكالي

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى