العدوان السعودي على اليمن..كم هي تكلفته اقتصاديا وتداعياتها انسانيا؟!
لم تكن تكلفة العدوان السعودي المستمرّ على اليمن منذ ثلاثة أعوام تقريباً قاسية على اليمنيين وحدهم، فالمملكة العربية السعودية، قائدة ما يسمى “التحالف العربي”، باتت تشهد تراجعاً حادّاً في اقتصادها، تصنَّف الحرب اليمنية ضمن أحد أسبابه.
ولم تعلن السعودية أو غيرها من دول تحالف العدوان أيّ تكلفة لعملياتها العسكرية في اليمن، إلا أن تقارير دولية وخليجية تناولت هذه التكلفة المنهكة بأرقام متفاوتة.
ففي هذا التقرير نحاول دراسة التكلفة الإجمالية لهذه الحرب عبر رصد وتحليل الأرقام والبيانات الرسمية وغير الرسمية المتعلّقة بالعدوان العسكري على اليمن.
– خسائر سعودية قاسية
وبحسب تقرير تلفزيوني بثّته قناة “العربية” السعودية، في 2 أبريل 2015، أي بعد 8 أيام فقط على انطلاق العدوان ، فإن التقديرات أشارت إلى أن المملكة قد تنفق نحو 175 مليون دولار شهرياً على ما اسمته القناة “الضربات الجوية ضد الجيش واللجان الشعبية في اليمن، باستخدام 100 طائرة”.
وأشارت القناة التي تمولها السعودية آنذاك إلى أن الحملة الجوية التي استمرّت أكثر من خمسة أشهر، ربما تكلّف الرياض أكثر من مليار دولار أمريكي.
وفي أرقام بعيدة عن تقديرات القناة، قالت مجلة “فوربس” الأمريكية، بعد 6 أشهر من اندلاع العدوان ، إن تكلفة الأشهر الستة بلغت نحو 725 مليار دولار، أي إن التكلفة الشهرية تصل لـ 120 مليار دولار.
تقدير آخر جاء في دراسة نشرتها مؤخراً جامعة هارفارد الأمريكية، أشارت فيها إلى أن تكلفة العدوان تصل إلى 200 مليون دولار في اليوم الواحد.
أما صحيفة “الرياض” السعودية، فقدّرت أيضاً تكلفة تشغيل الطائرات السعودية المشاركة بالعدوان بنحو 230 مليون دولار شهرياً، متضمّنة تشغيل الطائرات والذخائر المُستخدمة والاحتياطية، وثمن كافة قطع الغيار والصيانة وغيرها.
من جانبه قدّر موقع “دويتشيه فيليه” الألماني تكلفة تشغيل الطائرات السعودية المشاركة بالعدوان، ويبلغ عددها 100 طائرة، بمبلغ 175 مليون دولار شهرياً.
كما أعلن المتحدث الرسمي باسم قوات تحالف العدوان ، اللواء أحمد عسيري، في مارس العام الجاري، أن عدد الطلعات الجوية التي نفّذها طيران التحالف في سماء اليمن بلغت أكثر من 90 ألفاً.
وأشار عسيري، في ذات التصريحات التي أدلى بها لصحيفة “التايمز” الأمريكية، إلى أن الحرب على اللجان الشعبية في اليمن أغالبها جوية.
واعتماداً على هذا الرقم، وقياساً بتكلفة الطلعة الجوية الواحدة للطائرات المشاركة بالحرب ضد داعش في سوريا والعراق، التي تُقدّر بـ 84 ألف دولار إلى 104 آلاف دولار، فإن تحالف العدوان أنفق على الضربات الجوية في اليمن خلال عامين 7 مليارات و560 مليون دولار، إلى 9 مليارات و360 مليون دولار.
ووفق تقرير نشرته صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية، في 15 سبتمبر 2014، فإن تكلفة الطلعة الجوية لطائرة أمريكية واحدة من قاعدة إنجرليك الجوية في تركيا، لقصف أهداف “داعش” شمالي العراق، تُقدّر بين 84 ألفاً و104 آلاف دولار، بما يشمل ثمن القنابل والوقود وكافة التكاليف التشغيلية.
– مصاريف بعيداً عن القتال
ولا يمكن حساب بقية التكاليف العسكرية للعدوان على اليمن؛ فجميع الأرقام والبيانات المتوفّرة حول كميات الأسلحة المستخدمة في العدوان وأنواعها وتكلفتها غير رسمية، ومبالغ في جزء كبير منها، بحسب ما يصف مراقبون عسكريون.
ولكن تكلفة العدوان لا تتوقّف على النفقات العسكرية فقط، فالسعودية قدّمت لحكومة هادي المستقيلة و مرتزقته منذ بداية العدوان، عام 2015 ، مساعدات تبلغ قيمتها 8.2 مليارات دولار، وفق وزارة الداخلية السعودية.
وفي مايو الماضي، أعلنت الداخلية السعودية تقديم المملكة مساعدات للحكومة اليمنية المستقيلة بقيمة 8.2 مليارات دولار.
ويُظهر جمع بسيط للأرقام سالفة الذكر أن التكلفة التقديرية للعدوان على اليمن على دول “التحالف” تتراوح بين 85 ملياراً و760 مليون دولار، إلى 87 ملياراً و560 مليون دولار، بما لا يشمل الخسائر غير المباشرة المتعلّقة بتراجع الاستثمارات في السعودية على وجه التحديد، والزيادة في الإنفاق العسكري، والنقص في احتياطي النقد الأجنبي.
العدوان على اليمن يدفع السعودية لزيادة انفاقها العسكري
وفي استعراض سريع للبيانات التي تُظهر تأثّر اقتصاد السعودية بالعدوان، نجد أن السعودية رفعت قيمة إنفاقها العسكري في العام 2015 إلى 82.2 مليار دولار، بعد أن كان قد بلغ في 2013، 59.6 مليار دولار فقط.
كما أعلنت شركة “آي إتش إس” للأبحاث والتحليلات الاقتصادية، أن مشتريات السعوديّة من السلاح قفزت بمعدل كبير، لتصبح المملكة المستورد الأول للسلاح على وجه الأرض في 2015، بقيمة 65 مليار دولار.
وفي مقابل زيادة النفقات العسكرية واستيراد السلاح، تراجع احتياطي النقد الأجنبي لدى المملكة بشكل غير مسبوق، فبعد أن كان 737 مليار دولار في 2014، انخفض إلى 487 مليار في يوليو 2017.
يضاف إلى تراجع احتياطي النقد الأجنبي تسارع وتيرة لجوء الحكومة إلى أسواق الدين خلال العامين الماضيين والعام الحالي.
وأعلنت وزارة المالية السعودية، في أغسطس الماضي، أن الدين العام للسعودية بلغ 91 مليار دولار، تضاف إليهم صكوك محلية طرحتها المملكة العربية لسعودية خلال سبتمبر الماضي وأكتوبر الحالي، بقيمة 9.9 مليارات دولار، وسندات دولية بقيمة 12.5 مليار دولار، ليقفز بذلك حجم الدين السعودي إلى 113.4 مليار دولار.
– التداعيات الإجمالية للعدوان
وفيما يتصل بالتداعيات الاقتصادية الإجمالية للعدوان على اليمن، يقول الباحث الاقتصادي السعودي، عبد الحافظ الصاوي، إن ما حدث في اليمن أثّر في مناخ الاستثمار في السعودية.
ويضيف الصاوي: “تركت الحرب تأثيرات سلبية على الملاءة المالية (مصطلح اقتصادي)، وهو ما يظهر في وضع المملكة بشكل كبير، إذ تراجعت احتياطيات النقد الأجنبي ليكون دون حاجز الـ 500 مليار دولار، نهاية أغسطس 2017، إضافة لإقدام السعودية على الاستدانة الخارجية عبر إصدار سندات بنحو 12.5 مليار دولار بالسوق الدولية“.
من جهة أخرى، يرى الصاوي أن العدوان خلق حالة من ارتفاع تكلفة شراء السلاح من قبل المشاركين فيه.
ويربط المختص الاقتصادي أيضاً بين حالة عدم الاستقرار في المنطقة، التي خلقها العدوان، وهروب الاستثمارات الأجنبية وحتى المحلية.
ويقول: “لا يخفى على أحد حالة الخروج لرؤوس الأموال من منطقة الخليج (الفارسي) خلال الفترة الماضية، حتى ولو على مستوى الاستخدام الشخصي وتكاليف الإقامة في الخارج، فتركيا على سبيل المثال تشهد إقبالاً من قبل الخليجيين لشراء العقارات وإنشاء شركات ومؤسسات اقتصادية، وإن كانت في إطار الشركات الصغيرة والمتوسطة“.
يشار الى ان السعودية اقدمت على العدوان على اليمن اعتبارا من 26 مارس 2015 بضوء اخضر اميركي خليجي مخلفا العديد من الشهداء و الجرحى في صفوف المدنيين بينهم نساء و أطفال.